قصة قصيرة وطويلة ومحزنة وسرمدية
سألنا اشخاص عديدين عما سيكون احساسهم لو عرفوا متى يموتون، قليل منهم تمنى ان يعرف متى موعد موته والبقية لم يريدوا هذه المعرفة.
ماذا ستفعل لو قالوا لك بأنك ستموت في هذا اليوم والساعة؟
وهل تذكرون بعض الافلام التي يكون فيها بعض الاشخاص محكوم عليهم بالاعدام وكيف يود المجرم الهرب وكيف ينهار وهو اصلا معاقب على فعل سيئ من صنع يده وتراهم يجرونه الى حبل المشنقة جرا! ولكن ما حدث في هذه القصة لم يكن في الحسبان
انتفض الرجل من نومه فزعا والعرق يتصبب منه فظنته الزوجة مريضا بالحمى ……
اخبرها الحلم، واحلام هؤلاء ليست باضغاث احلام فلابد من تحققها. ذكرها بقصص من كانوا قبله كيف كانت احلامهم تحدث لهم وكأنما شاهدوا ذلك اليوم مرتين
اصبح وجه الزوجة اصفرا كلون الزعفران فلا تصدق ان الريحانات لهم هذا المآل
ونزل له الوحي واخبره بالخبر اليقين وبأن القوم ليس فقط سيتركون الرسالة بل سيقتلون ابنائه ويشتتونهم ولا يبقى منهم الا واحد سيبقى مخفي الى ان نتأكد بأن الناس تصرخ وتريد الغوث مما سيجري في مكانهم من قتل ونهب ومكر وهزيمة وامراض
احضر له الوحي زجاجة كأنها كوكب دري بها تراب. اعطاها لزوجته وقال لها يوم ترين الزجاجة تروج بالدماء فاعلمي ان حفيدي قد قتل
بقي الرجل مذهولا. هو لا يعرف متى سيموت وربما كان يعرف ولكنه عرف حقيقة وموعد موت كل حفيد من احفاده وكيف يموتون.
اجلس الرجل ابنته وزوجها والطفلين يستمعان. اخبرهم بالحلم وما جرى من اهوال فيه
لنجهزهم من الان.
وذهب لهم تعبا وجلس تحت الكساء اليماني وجلسوا جميعا واحدا تلو الاخر ونزل جبريل وبشرهم بالجنة كما بشرنا بأن من يحبهم يحبه الله: أخَذَ أبِي رَسُولَ اللهِ بِطَرَفَي الكِساءِ وَأومَأ بِيَدِهِ اليُمنى إلى السَّماءِ وَقالَ: اللهُمَّ إنَّ هؤُلاءِ أهلُ بَيتِي وَخاصَّتِي وَحامَّتِي لَحمُهُم لَحمِي وَدَمُهُم دَمِي يُؤلِمُنِي ما يُؤلِمُهُم وَيَحزُنُنِي ما يَحزُنُهُم، أنا حَربٌ لِمَن حارَبَهُم وَسِلمٌ لِمَن سالَمَهُم وَعَدُوُّ لِمَن عاداهُم وَمُحِبٌّ لِمَن أحَبَّهُم، إنَّهُم مِنِّي وَأنا مِنهُم فَاجعَل صَلَواتِكَ وَبَرَكاتِكَ وَرَحمَتَكَ وَغُفرانَكَ وَرِضوانَكَ عَلَيَّ وَعَلَيهِم، وَأذهِب عَنهُم الرِّجسَ وَطَهِّرهُم تَطهِيراً
لقد ظن بأن من يريد قتل الحفيد سوف يردعه هذا الحديث ولكن على القلوب اقفالها
وفكر!! لنخبرهم من الان
لابد ان يكونا على علم
لابد ان يتخيلوا الموقف ويعرفوا كيف يتعاملوا معه
لابد ان نزرع الشجاعة في نفوسهم
وفِي ليلة الموت المحتم ماذا سنفعل؟ ربما لن نقدر ان نمشي ونجر الى الموت جراً ولكن ماذا فعل هو مع أهله واصحابه!
كان يحثهم ويحثونه ويصلون ويقرأون القرآن وكل يقول ياسيوف خذيني
والادهى من ذلك ذهب الى خارج الخيمة يبعد حسك السعدان والحجارة المدببة من الطريق لأن الصغار سيهيمون على وجوههم وتنهب حتى نعلهم وربما سيجرحهم الشوك والحجارة.
كان يذهب الى كل خيمة ويطمئنهم بأن هناك حياة هنيئة تنتظرهم وبأن الخالق لن ينساهم
وبدأت المعركة وقتل من قتل ومات من مات وحز كل رأس ووضع في رمح واطلقت الخيول لتطحن الاجساد وتجعلها في مستوى الارض حتى لا تُعرف ولا تميز
حُرقت الخيام وتشتتت النساء والاطفال ولم تعطى لهم اي هيبة
جروهم بالحبال وآدوهم وكلما وصلوا الى بلدة ترمى عليهم الحجارة كأنهم مارقين عن الدين
ووصلوا الى الرجل الذي امر بقتل واليهم وإذا به سكران ومعه عصاه يدغدغ بها شفا القتيل ويسأل الاخت عما رأت من فعل الله. “مارأيت الا جميلا”
وبقت هذه المرأة ومن معها من النساء مذهولين بما حدث لرجالهم وما يحدث لهم ويصبّرون انفسهم بأن لهم غدا جميلا
“حسين مني وانا من حسين”
اخبروني ! هل تريدون حلما مثل هذا الحلم؟