لطالما دخلت بيوتا لا استطيع ان اتحملها لوجود رائحة معينة تجعلني اشمئز من حياتي او اجد الفوضى العارمة في المكان وكأنما حلت عاصفة شديدة ازاحت كل شيئ من مكانه. او لا استطيع ان اجلس لان الغبار قد ملأ المكان ويمنعني من التنفس.  ناهيك عن الاثاث الممزق او الستائر الساقطة من مكانها او الاوساخ والصحون واكياس الشيبس في كل مكان او تحيط بسلة المهملات (نعم هنالك سلة مهملات). اما الحمامات فحدث بلا حرج. تتراكم الملابس وفوقها يحوم الذباب وبدلا من سحب السيفون يترك كل شيئٍ على حاله ويضطر الانسان ان يعملها على نفسه من أن يدخل مثل هذا الحمام!. ولن اتكلم عن رمي المهملات في الشوارع مع وجود سلال القمامة في كل مكان. هل ياترى لا يشمون؟ هل فقد هؤلاء الحواس الخمس؟ هل تناسى الشخص أهم مقولة في الدين “النظافة من الايمان” أم إن على القلوب أقفالها؟ هذه فقط المقدمه إذ أن موضوعي اليوم هو عن سجادة الصلاة وكيف نحافظ عليها:

جميعنا يملك سجادة صلاة. ربما هي فقط سجادة من السوق او جاءت الينا هدية من حجاج بيت الله الحرام اوكما رأيت لدى شخص اعرفه  عنده سجادة حرير ايرانية او كاشان او قم. المهم ان سجادته كانت ذات قيمة عالية. بعضنا يصلي في اي مكان بدون سجادة وبعضنا ممكن ان يضع عطر الصندل في سجادته حتى يتعطر بها قبل الصلاة وبعضنا يصلي بالعباءة وأخري تصلي بمئزر خاص وهذا الموضوع سيدخلنا في أحاديث طويلة اذ كل منطقة في العالم لها مئزر خاص بها. وطبعا بعضنا يفضل الصلاة على الارض بدون سجادة وبعضنا يضع تربة من تراب كربلاء وبعضنا يسجد على السجادة مباشرة وآخرون يصلون وهم جالسون على كرسي خاص بالصلاة وهذا ايضا تتعدد صناعته إما من الخشب العادي او الخشب الثمين وما اليه او يجلس بعض المصلين على كرسي من كراسي البيت ويضع امامه طاولة وفوقها مخدة يستخدمها للسجود،  وتعددت الطرق ولكن الصلاة واحدة (إقتباس من المثل المعروف: تعددت الاسباب والموت واحد).

السجادة تدل على الشخص. لا اقصد هنا انها تربط بين المصلي والرب! فهذا في القلب. ولا اقصد انه كلما زاد سعرها او ترتيبها ستكون الصلاة ارقى وافضل وسيتقبلها الله اسرع من تقبل صلاة الاخرين. القصد هنا ان سجادة الانسان انما تدل عليه! على شخصيته وعلى حياته. اذا اردت ان تعرف الشخص فانظر الى سجادة صلاته.

يوجد اشخاص يلفون السجادة بسرعة (والبنات) يضعون مئزر الصلاة كيفما كان داخلها وتدخل على هذه الهيئة تحت السرير. وهناك اناس من يلفها ويرميها رميا في الخزانة. او يوجد هنالك مصلين يضعون سجادات الصلاة في صندوق ( هنا تكمن الفروقات)  فيكون الصندوق اما من خشب عادي او من القش او مصنوع من خوص النخيل أو كارتونا ورقيا مقوى او خشب الصندل والابنوس (وهذا قد رأيته بعيني في احد البيوت) او تلقى السجادات في طرف من الغرفة بدون اي ترتيب. وهناك اشخاص يصلون ايما مكان يجدوه المهم ان يكون نظيفا وحتى بدون سجادة. والبعض يضع بضعة اوراق كتبت عليها بعض الادعية والبعض يضع عطرا خاصا ليعطر به السجادة او المئزر او اليد قبل الصلاة (ربما يعتقد هذا الشحص بأن الملائكة ستعطيه جائزة افضل رائحة لمصلي او مصلية!)

لن اتحدث عن المساجد لان هذا الحديث سيأخذنا الى بحر عميق. فهنالك ايضا يفعل المصلي والمصلية ما يفعلونه في البيوت! يسحبون اية سجادة او مئزر صلاة كيفما شاؤا وبعدها تلقى في زاوية المسجد على الرغم من وجود خزانة أو مكان مخصوص لها. وكأنما اجبروا على الصلاة أو إنهم مشغولون جدا وتلك الثواني التي سيقضونها في لف السجادة بشكل جميل ستضيع من أرزاقهم.

رأيت شخصا يطوي سجادته بترتيب حسابي جميل ويرتب الطويات بطريقة تجعل لفة السجادة كانها قطعة فنية تريد ان تعلقها في الحائط.

وفي عمري الطويل الذي عشته رأيت كل الاجناس من المصلين وسجاداتهم. ولكني احس ان السجادة وطريقها فرشها ولفها وتخزينها له علاقة شديدة بالصلاة نفسها.

لا ترمي سجادتك كيفما تشاء بل رتبها لان حياتك ستترتب بطريقة لم تعهدها من قبل. جرب ذلك واخبرني بالنتيجة. احب ان اسمع منكم

(على فكرة!  من أي نوع من الناس أنا؟ هل انا من  اللذين يهتمون بسجادتهم وبتعطيرها او برميها تحت السرير)

النظافة والترتيب من الايمان ولابد لكل إنسان ان يكون منظما ولن اكرر هنا ان التنظيم يشمل جميع مجالات الحياة ولك الاختيار في ان تكون منظما او …..