وإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُن جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) سورة البقرة
الشك بالنفس والتردد هومن أساسيات الحياة اذ اننا نشك بأنفسنا وبمن حولنا وبالناس الى ان نتبين الحقيقة. في الاية السابقة تأكيداً على شك الانسان بنفسه وبقدرته ولان الله يعرفنا اشد المعرفة فقد اعطى مثالا للنبي ابراهيم (وهو أبو الانبياء) بأن يأخذ اربعة طيور ويقتلهم ويقطعهم ويضع كل قطعة على جبل وان يدعوهن فسيأتون اليه. مثال بسيط على الشك بالنفس أثبته لنا الله بآية واحده. وكأنني استمع الى النبي إبراهيم وهو يقول “ليطمذن قلبي” وهذا الاطمئنان هو ما يطلبه الله منا ونحتاج الى الاطمئنان في كل شيئ فمثال على ذلك أوقات الامتحانات (وكلنا نتردد وربما نعرف الاجابة ولكن شكنا يدعنا نكتب الجواب الخطأ ثم عندما نخرج من قاعة الامتحانات ونراجع أجوبتنا نتين بأن ترددنا سيردينا الى الهاوية)
سأعطيكم مثالا آخر عن الشك في النفس، وهو ايضا مما تعلمناه من النبي ابراهيم {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام : 74 – 79]
هنا نتعرف على تشكيك النبي بنفسه إذ ان قومه كانوا يعبدون النجوم والكواكب ويتفائلون بها وكان يعرف بأن جميعها وكل الانسانية لها خالق عظيم، ولكنه متردد واراد ان يثبت لنفسه، لذا رأى الكوكب، ولكنه سرعان ما اختفى عن الانظار، ثم رأى القمر وهذا ايضا اختفى، ثم رأى الشمس وكان في كل وهلة يعيد الجملة بأن “هذا ربي” وعندما ظهرت الشمس ثم غابت تأكد بأن قومه من المشركين بالله الذي خلقهم وخلق الارض والسماء بمن فيها. وهنا ورغم الاثباتات ، حاجّه قومه ولكنه آمن ولم يشرك بالله شيئا.
وهناك ايضا مثال آخر عن الشك بالنفس وعدم الثقة بها عند النبي موسى عليه السلام: وهنا نجد بأنه حتى النبي موسى الذي اعطي الكثير من الاسباب لرؤية قدرة الله اراد ان يراه وذلك لازاحة الشك باليقين
( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين (الاعراف آية 143 ) )
وهذا هو ما اقصده بأننا نملأ نفوسنا بالشك ونقلل من شأن انفسنا على الرغم من أننا نحس بوجود الله بغير ان نرى الاثباتات والادلة وهذا يحدث كذلك في جميع مجالات الحياة وليس فقط عند التأمل في الحياة بل يتعداها الى العلم كذلك
ان الانسان ولد وهو يريد ان يقلل من شأن نفسه ويأتينا الدين ويعلمنا بأننا مخلوقين من إله عظيم وهوالذي اعطانا من العلم ما نستطيع به ان نفعل به كل شيئ. ولكننا
نعرف ان بداخلنا كنوز من المعرفة والعلم والتي قد كنزناها منذ اول يوم في حياتنا، ويسمى هذا باللغة الانجليزية:
imposter syndrome
يتم تعريف (امبوستر سيندروم) بأن الناس يشككون في قدراتهم واحيانا يعتقدون بأنهم لا يستحقون الرتبة التي وصلوا له ويجدون صعوبة بأن يتقبلوا نجاحاتهم ويتسائلون بين انفسهم عن كيف حصلوا على تلك النجاحات
وهذا ما احسه عن نفسي احيانا، ولكن بالطبع فالثقة الزائدة عن الحد قد تضر بصاحبها ولكن الاحساس بالتدني ايضا مزعج ولابد ان نتخلص منه
عندما نريد ان نقوم بتجربة ما نضع التساؤلات اولا ونقول بأننا سنكتشف كذا او كذا، وبعد ذلك نقوم بالتجربة ونثبت لانفسنا قبل ان نثبت للاخرين بأن ما فكرنا به كان صحيحا ولكن التجربة العلمية هي اكثر برهانا
وما يحزنني بأن الكثير من الاشخاص يرسلون معلومات خاطئة الى جمع من الناس قبل التحقق من صحتها وهنا تأكيد بأن التشكيك يأتي للناس العالمين بالشئ ويختفي أو ينعدم من البعض الذين يقولون بأنهم “الله”عز وجل وهذا ما فعله الملك لقوم النبي إبراهيم
كم اتمنى ان نكون جميعا من المتشككين