تخيلوا معي، لا اعرف اذا أحدٍ منكم يعلم ما هو شارع الخدمات. انه الشارع الذي يقع بين صف من المحلات التجارية والشارع العام ويكون عادة موازياً له وله مدخل ومخرج لتنفذ منه السيارات التي تود ان تتسوق في تلك المحلات.
شارع الخدمات هذا طوله تقريبا كيلومتر ونصف وبه عدة سوبرماركتات، ومحلات العصير ، ومحلات بيع الخضروات ، وبعض محلات الاكل السريع، ومخبز، ومحل لبيع الادوات المدرسية وغيره. وسط شارع الخدمات مرصوف ولكن الجوانب مليئة بالتراب وغير مرصوفة وليست مهيئة لركن السيارات او الدراجات الهوائية (بالطبع في هذا المكان الذي اتخيله لا يمكن لاي شخص ان يسوق دراجة هوائية لانه سيقتل في حادث لان الشوارع كلها لا تحب الدراجات الهوائية ولا تحب راكبيها) ! وبالطبع قد نلاحظ الباعة المتجولين او بائعي الكتب متخذين مكان ما على الاجزاء الرملية وقد افترشوا بضائعهم! وعادة يمتليئ بالمتسوقين. ولكن في أيام المطر يمتليئ هذا الشارع بمياه الامطار وتحدث المستنقعات ولا نتمكن من المشي فيه.
وبما ان المكان حيوي جدا فقد يأتي الاهالي مع اطفالهم ولكن لابد ان يمسكوا بأيديهم كي لا تصدمهم السيارات المتهورة التي تمر بهذا الشارع الخدمي إذ ان الشارع يخلو من أية إشارة لتحديد السرعة.
الان بعد ان تخيلتم المنظر، تخيلوا معي ماذا سيحدث لو ان شخصا جاء وفرش المناطق الرملية بقطع الطوب (الانترلوك) ووضع علامات مرورية بالسرعة المسموحة. ووضع النخيل على طول الشارع وبعض الاشجار او الزهور غير الموسمية التي تمتلئ بها البلد والتي ستجعل من الشارع مكان للمتعة والتسوق وربما يتكرم بنا هذا الشخص ويضع بعض الكراسي الخشبية المطلية بألوان جميلة وياحبذا بعض الطاولات. وربما تأتي تلك السيارات التي تبيع الكعك والقهرة ونشتري منها ونجلس براحة على الكراسي. ووربما سآخذ حفيدي في عربته واتمشى هناك لشراء بعض الحاجيات ثم اجلس على المصطبات لاشرب قهوتي بينما يمتص حفيدي الحليب من مرضعته. وربما يأتي أناس آخرون ويجلسون. وربما يتعرف الجيران على بعضهم لاننا نعيش في هذه المنطقة منذ اكثر من ثلاث سنين ولم نتعرف على أحد. سوى بالطبع الجار الذي يصرخ علينا اذا انسكب ماء المطر قريبا من بيته (ذات مرة قال لي ان ماء المطر الذي ينزل من عتبة بيتي ويسيح الى عتبة بيته سيجلب البعوض لبيته!!)
وبالطبع نحتاج قريبا من كل مصطبة سلة مهملات. وذلك لان هذا الشارع يمتلئ مساءا بالقاذورات كأكواب الشاي واغطية الشوكولاتة وزجاجات الماء والعصير البلاستيكية وأوراق الكلينيكس المستخدمة..
تخيلوا ايضا ان شارع الخدمات المقابل يوضع فيه بعض الالعاب للاطفال مثل ما يوجد في الحدائق حتى يكون المكان مليئا بالمفاجآت السارة للجميع. تخيلوا جرا بين الشارعين! يا إلهي سيصبح المنظر جميلا جدا وستأتي الصحف وتكتب عنه وربما سيكون هناك العديد من هذه الشوارع في كل حي؟
هذه الامال كلها تخيلات والمكان الذي اتحدث عنه ليس الا مكانا في عقلي ولكن الجميع سيفهم ما اقصده.