اليوم قرأت آيتين من جزء ١٢ وتوقفت كثيرا عندهما اذ احسست بالاشفاق على نبي الله شعيب :  قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا ۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ

قال شعبه عنه بأنه ضعيف الشخصية وبأنه ليس عزيزا عليهم ولولا اهله لقاموا برجمه، ورد عليهم شعيبا : هل اهلي اهم من الله الذي رميتموه وراء ظهوركم؟

لماذا استضعف اهل مدين شعيبا؟

 اولا كان اعمى، وثانيا كان خبيراً بعلم الاقتصاد لدرجة انه كان ينهي قومه عن انقاص الاوزان وبخس الناس حقهم ، واللعب في البلاد والتخريب. كان قومه (أهل مدين) يعبدون الشجر ولذا سماهم الله في كتابه “باصحاب الايكة” واستمروا باللعب في الميزان والمعاملة السيئة للناس. وكلما دعاهم رفضوا الاستماع اليه وفي النهاية ارادوا ان يرجموه لولا إحترامهم ل”أهله” ولذا قال لهم هل أهلي اهم من الايمان بالله؟

يقال ان شعيبا قد عاش بين اهل مدين لمدة تزيد عن المئتان عام وأنه لم يتوقف عن دعوتهم والى تغيير افعالهم؛ الى أن اعترف بينه وبين نفسه بأنه لن  يستطيع ان يجبرهم علي الايمان، الا القليل منهم بالطبع، وهنا اخذ يدعو الله بأن ينزل عليهم العذاب. وكان عذابهم ان ارسل عليها صيفا حارا وفجأة رأو ظلا فركضوا له ليقللوا من وهج الشمس فحوّل الله الغيمة الى نار تحرقهم في الدنيا قبل الاخرة..

لقد جاء ذكر نبي الله شعيب في القرآن 11 مرة وفي آيات متفرقة، دعني الان اشرح لماذا بقى شعيباً يحاول هداية اهل مدين لهذه السنين الطويلة.  ان انقاص الوزن لاي شىئ يعني بأننا نزداد مالا ونعطي القليل من البضائع. تخيل معي بأن لديك 100 كيلو من الرز والكيلو بدينار، اذا اعطيت الناس ٩٠٠ غرام بدل الكيلو واخذت منهم دينارا اصبح لديك ١١٠ دينارا ،بالطبع هناك الكثير من الكسور والتي ستجعلك تجني أكثر من ١١٠ ديناراً. تخيل مدى زيادة اموالك بسبب الغش؟ المتوالية الحسابية ستصبح بالملايين. وهنا نرى انه سيحتاج الشخص الى شراء الرز اسرع مما سيكون لو اعطي الكيلو كاملا فيذهب ليشتري من جديد ولكن ماذا سيحدث؟ سيعطى رز اقل ويدفع القيمة بالكامل!! اي ان التاجر سيزيد غنىً والفقير سيزداد فقرا

وهنا سنرى ايضا بانه سيحتاج الشخص الى شراء الرز باسرع مما سيكون لو اعطي الكيلو كاملا فيذهب ليشتري من جديد ولكن ماذا سيحدث؟ سيعطى رزا اقل ويدفع القيمة بالكامل!! اي ان التاجر سيزداد غنىً والفقير سيزيد فقرا ولذا ستكون الدوامة التي ستجرف الفقير الى الهوة بينما تعمل معكوسة للتاجر. وبالطبع سينتهي الامر بأن يفتقر الغني لانه لن يوجد من يستطيع الشراء بعد هذا الا اذا افاق الغني او التاجر من جشعه.

وهذا ما يرفضه الدين ولتكون لنا عبرة من شعيب وقومه بأن نعطي الكيل كاملا ولا نصبح مثلهم ومثل اليهود الذين هم أسوء من قوم شعيب. فالامانة هي الحياة الشريفة التي نريدها ويا رب احفظ تجارنا من الغش

نبذة اقتصادية:

واذا دققنا في اقتصادنا في هذه الايام نرى هذا الفعل او التاريخ يعيد نفسه. مثلا شركة نايك للاحذية تصنع الحذاء في الصين بدولار ويجني العامل قروشا قليلة كل يوم ! بينما ندفع نحو مئة دولار على هذا الحذاء! من هم المستفيدون هنا؟ هل هم عمال الشركة ام اصحابها؟ وما الفرق بيننا وبين اهل الايكة؟

في تظري ان علم الاقتصاد من اهم العلوم في العالم والقرآن قد أكد على المعلومات الاقتصادية فتجده قد ذكر العقود، والارث، والمهور، والاعمال، والديون، والذهب والفضة والحديد والاموال واعطاء الزكاة واطعام البائس والمعتر وغيرها من الامور الاقتصادية المهمة والتي لابد ان نتنبه لها ونتثقف في هذا العلم!!