قرأت بعض الايات التي ذكرت ما كان الناس يقولون للانبياء والمرسلين من الله وكأنني اسمعهم الان اذ يستهزئون ويؤذون ويتضاحكون ويغطوا اعينهم وآذانهم حتى لا يستمعوا للرسل. وكأني ارى الرسل وهم مستغربون لانه حتى الاهل والاصدقاء قد كانوا من المستهزئين بهم كذلك.  ارادوا ان يفجر لهم الرسل الينابيع، او تكون للرسل جنات من نخيل وأعناب وفي اوسطها أنهار! ارادوا ان تسقط السماء عليهم وأن تأتي الملائكة مع الرسل كالقبيلة! ارادوا ان يريهم بيته وهو مغطى بالزخارف وأن يرقى الى السماء! كما أكدوا للرسل بأنهم حتى لو شاهدوهم يرتقون الى السماء لما آمنوا لهم. وتسائلوا لما يمشي الرسل في الاسواق ويأكلون الطعام ولماذا لا يكون معهم ملائكة تحميهم! ولما لا يلقى الله على الرسل الكنوز وان تكون لهم جنات يأكلوا منها ما يشاءون!.
سبحان الله
ولكن هذه الصفات التي اطلقها الناس هي نفسها تتكرر في هذا الزمان وكل زمان، فمن منا لا يحب ان تكون له جنة او بيوت من زخرف او يكون لدينا الخدم والحشم، او نحصل على الكنوز، او نرقى الى السماء والكواكب الاخرى، ،من منا لا يحب الانهار والينابيع ويسافر أنحاء العالم ليرى خلق الله من الناس والجبال والانهار والطيور والزهور تسبح بحمده.
وكلما قرأت هذه الايات ابقى طويلا افكر! هل هذا ما يريده الانسان؟ لا اعرف اذا لاحظتم في الايات بأن الكفار لم يذكروا العقل ابدا بل جل ما طلبوه يمثل الحياة المادية وليست المعنوية او العقلية. وفي رأيي المتواضع، ان الرسل والانبياء انما ارسلوا ليرتقوا بنا وليجعلو عقولنا نيرة وافكارنا عاليه وايماننا بالقدرة الالهية عظيمة. قول الرسول “إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق” هو السرالذي خلقنا الله لاجله.  الاخلاق هي التي تبعدنا عن المعصية، تحببنا في الناس، تجعلنا نفكر في الارض ونحترمها، نفكر في السماء والكواكب والنجوم ونجلّههم. ربما نستطيع ايضا ان نفكر ونجمع الماديات ولكن الخلق العظيم سيمنعنا من التفاخر فيما بيننا بالبيوت والسيارات وفخامة الملبس والمأكل، والمجوهرات. لا بأس بأن نحب الجواهر ونقتنيها ولا بأس بأن نلبس الذهب والفضة ولكن السيئ من الامر هنا هو التفاخر. ربما ما يحدث في زمننا هذا هو بالضبط ما كانت تقصده هذه الايات، متابعة المؤثرون وما يسمى بالفاشينيستات وملبسهم ومأكلهم وجواهرهم وبيتهم وشنط ايديهم وكل شيئ يفعلوه. وربما حتى يحسدونهم على ما وهبهم الله.
نحن نعلم بأن متطلبات الحياة كثيرة ولكن هذه المتطلبات لا تمنعنا من ان نرتقي بافكارنا وانفسنا الى مصافي الانبياء، فقد ارسلهم الله لنا ليس فقط ليهدونا بالرسالة بل لنتبع افكارهم وحياتهم ومعيشتهم وحبهم للخير وكرههم للشر وان نعطي بدون تفكير وان نتمنى الغنى ولكن بدون ظلم الناس وانتهاك حقوقهم، وأن نكره الفقر ونحاول منعه، أن نبقي كوكب الارض نظيفا مثلما اهداه الله لنا ونرفع عنه الموبقات من الاوساخ والمهملات والاخلاق السيئة.
وأنا متأكدة من شيئ مهم جدا وهو إن خلقنا لم يأتي عبثاً بل ان الله ارادنا ان نبحث ونفكر ونستمتع ولكن بدون استخفاف باللذين من حولنا.
سبحان الله آيات قليلة ولكن روموزها عميقة.
الايات التي اقتبست منها هذه المقالة:
سورة الاسراء  (الاية ٨٩-٩٦)
  1. وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا

  2. وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا

  3. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا

  4. أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً

  5. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً

  6. وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً

  7. قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً

  8. قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا

سورة الفرقان

  1. وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا

  2. أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلا مَّسْحُورًا

  3. انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا

  4. تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا

  5. بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا

  6. إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا

  7. وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا

  8. لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا

  9. قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيرًا

  10. لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْؤُولا

  11. وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ

  12. قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا

  13. فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا

  14. وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا

  15. وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا

  16. يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا

  17. وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا

  18. أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا

  19. وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلا

  20. الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا

  21. وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا

  22. يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا

  23. لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا

  24. وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا

  25. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا

  26. وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا