هذه القصة حقيقية لأمرأة أعرفها
كانت هذه المرأة هدارة جداً وكثيرة الكلام، لدرجة ان صديقاتها جميعا قد تخلوا عنها. خطبها شخصاً من المنطقة التي تسكن فيها وأنجبت له طفلين، ولا اعرف ماذا حصل اذ رماها هو وأمه في الشارع والقوا بثيابها وحاجياتها معها . وبقت تصرخ وتترجى أن يعطوها أولادها ولكن لا حياة لمن تنادي؛ حتى الناس تدخلوا وارادوا الاصلاح ولكن أم الشاب رفضت وانتهى بهم الحال الى الانتقال الى منطقة أخرى حتى لا يزعجهم الناس بالحديث عن الكيفية التي طلقوا بها هذه الفتاة المسكينة والهدارة. وأخبروا أولادها لما كبروا بأن أمهم قد ماتت. وعاشوا بعيداً عن الناس وحسب ما عرفت فإنه قد تزوج من إمرأة أخرى ولكنها لم تحتمل الحياة بسبب تدخل الام في حياتهم
زعل والدها كثيراً واسكنها عنده لأنه كان يعيش لوحده في البيت وذلك لوفاة زوجته بمرض اطاح بها. وبقت هذه الابنة لديه إذ تزوجت اخواتها وتزوج الاخوة وهي تبكي وتصفع في وجهها كلما رأت الناس وأطفالهم. وبعدها توفى الاب وبقت لوحدها في البيت، وبالطبع كان من الممكن ان تتوه في الشوارع لولا ان اتفق الاخوة والاخوات ان يتركوا لها بيت العائلة. ولكن رحمة الاله لابد ان تنزل فقد احتضنها الجيران والمآتم التي تنتشر في منطقتها وكادت ان تسهوا عن ذكر أولادها ولكنها تتذكرهم عندما تضع رأسها على الوسادة وتشكوا حظها للاله وتتمنى لو أنها تراهم. صرفت لها الدولة معاشا يجعلها تعيش سعيدة نوعا ما وأغدق الناس عليها. وفي يوم ما جاء موظفا من البلدية ودق الباب وقال لها بأن بيتها آيل للسقوط! فقالت له بأنها لا تملك مكانا تذهب إليه وأنها تعيش وحيدة وليس لها معيل. وهكذا تم إصلاح البيت من الدولة كذلك.
أما إخوتها وأخواتها الكثيرون فلم يقصروا عليها أبدا وطالما دعوها الى بيوتهم واخذوها الى الزيارات مثل زيارة الامام الرضا في إيران أو الامام الحسين في العراق وكانوا يحبونها الا زوجة أحد الاخوة كانت ترفض دخولها الى بيتها مما كان يزعج الاخ ولكنه لا يريد ان يخرب حياته الزوجية.
وربما (على الرغم من النق الدائم) رحمها الله اذ عرف أولادها بأن الام ليست متوفية وذلك بعد أن ماتت جدتهم وأبيهم، وبحثوا عنها ووجدوها وقرت عينها برؤية ابنها وبنتها وحضرت أعراسهم وتنعم الان برؤية أحفادها.
ولكن بقيت لديها عادة النق والكلام الكثيرالذي ليس له معنى ولطالما التقيت بها ولكنني أحاول ان اغلق أذني وابتسم وكأنني اسمعها، وربما هي تعرف بأنها من النساء الاتي يهوون الكلام ولكنه مثل المرض ولا تستطيع ان تتخلى عنه، وأحيانا اذا رآها احد في الشارع فحتما سيحاول ان يتلافى ان تلتقي عيناه بعينها حتى لا يضيع من وقته ساعات في كلامٍ ليس مجدى أبداً. وقد احبتها زوجة عمها (أخ لابيها) فتزورها كلما حصلت على أحد يوصلها وتتغدى معها ولكن في ذلك اليوم تضطر زوجة العم المسكينة ان تأخذ عدة حبات بنادول بسبب الصداع الذي سببه لها كثرة الكلام
هل الكلام الكثير يفعل بالانسان هذه الاشياء أم أنه الحظ؟ ربما الاثنان معا فقد يحدث بأن يكون الانسان غير محظوظ وهذا ما يجعله يهذر بالكلام. اللهم اجعل لنا حظاً يعفينا من المعاصي