طلب النبي موسى من ربه ان يلتقى بالشخص الذي لديه كل الاجوبة على تساؤلاته! فجاءه الالهام ان يذهب الى مكان ما قرب بحيرة وينتظرهناك. فذهب موسى الى المكان وكان انتظاره طويلا، ولكنه عجول ومعروف بذلك فقام من مكانه وأخذ يمشي وعندها شعر بالتعب والجوع فطلب من فتاه ان يحضر له الاكل، فقال الفتى بأنه قد نسي السمكة الجافة قرب البحيره ولا يعرف كيف اتخذت طريقها الى البحرسربا؟ فقال له هيا دعنا نرجع الى هناك لعلنا نجد ضالتنا. وبالطبع لم يجدوا السمكة بل وجدوا رجلا وربما هو الذي كانوا على موعد معه. طلب منه النبي موسى ان يمشي معه لعله يتعلم منه اسرار الوجود. فوافق الرجل بشرط الا يسأل موسى عن أي شيئ يراه، هنا دار في رأس موسى العديد من التساؤلات وهو المعروف بتساؤلاته وخوفه ومتأكده بأنكم تذكرون كيف انه سأل الله بأنه يريد ان يراه وكيف خرّ صعقا!! فوافق هذا النبي العجول على الشرط ومشوا في طريقهم.
هيا لنمشي مع الرجل وموسى وفتاه ونرى ماذا يصنعون! بالطبع انا اعتقد انهم تحدثوا في الطريق ولكني لم اجد في اي مكان ما تحدث موسى وهذا الشخص عنه. ولكن بدأت المعاضل عندما ركبوا السفينة وجرت بهم وقبل ان ينزلوا منها خرقها الرجل! فقال له موسى ماذا فعلت؟ أتريد ان تؤذي هؤلاء اللذين سمحوا لنا بركوب سفينتهم فأسكته الرجل. استمروا في المشي فوجد الرجل طفلا فقتله! هنا استعرت النار في قلب موسى وصرخ وقال كيف تقتل نفسا زكية، ولكن الرجل هدده مرة أخرى ان يتركه ويمضي لحاله فترجاه موسى بالمكوث معه. وهموا في المشي الى ان وصلوا الى قرية صغيرة فطلبوا من اهلها طعاما ولكنهم لم يعطوهم، هنا وجد الرجل جدارا يكاد ان يتهدم فبناه! استغرب موسى من هذا الفعل وقال له “ما هذا؟ لا بد انك تريد منهم ان يدفعوا لك أجر ما صنعت؟” وهنا لم يستطع الرجل تحمل موسى فقال له هذا فراق ما بيني وبينك، انما السفينة فهي مملوكة لبعض الصيادين وكان الملك يستولي على السفن فأردت ان اعيبها، وأما الطفل فإن امه واباه مؤمنان وكان الطفل سيكبر ويكون متفرعنا فأراد الله أن يبدلهما بخير منه. وأما الجدار فإن تحته كنزا لايتام صغار واراد الله ان يحفظ كنزهما حتى يكبران ويستخرجانه.
وهنا تنتهي القصة وبحثت كثيرا عن من هو هذا الرجل الذي يعلم كل شيئ فبعضهم قالوا بأنه سيدنا الخضر وبعضهم قالوا بأنه القدر وما اليه من تأويلات لا يعلمها الا الله. ولكن ! ماذا تعلمنا القصة؟ هل تعلمنا الصبر؟هل تعلمنا ما هو القدر؟ او القتل؟ او تصرفات الملوك؟ لا وألف لا. إن الله عز وجل اراد ان يعلمنا اسس البحث العلمي! نعم البحث العلمي.
ان تساؤلات موسى كلها مدعاة للعجب اذ أننا نتحدِث عن زمان بعيد لا يوجد للعلم فيه مكان وتخيلوا في ذاك الزمان ان يأتي رجل ويطرح تساؤلات علمية تستخدم حاليا او تعتبر من اساسيات البحث العلمي
أسس البحث العلمي تتطلب من الباحث جهدا بالغا وطولة البال والتأني لكي يصل الباحث الى مبتغاه. لماذا نجد شهادات الدكتوراه لا تعطى في يوم او يومين؟ بل تأخذ وقتا طويلا لتعطي نتائجها. فهناك بعض الاشخاص الذين يكتبون تساؤلاتهم واستفساراتهم ويبحثوا عنها في المصادر وربما يجد الباحث ضالته وربما يفشل في ذلك. كم مرة قرأنا بحوثا علمية او ادبيه اخذت من الانسان سنين طويله لتتبلور الفكرة وتعطي نتائجها؟
هنا ايضأ اود أن أقول بأن الحياة تحتاج منا الصبر والتأني والتأكد من أننا قد اعطينا كل طاقتنا ومالنا حتى نصل الى النتيجة المطلوبة!
اتمنى لكم قراءة هادئة وهانئة